Thursday, August 28, 2008

تسحروا فإن في السحور بركة

/ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قـال : قـال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) .

هذا الحديث متفق على صحته .

قال البخاري رحمه الله حدثنا أدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة عن عبدالعزيز ابن صهيب عن أنس بن مالك به .

وقال الإمام مسلم رحمه الله حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا هشيم عن عبدالعزيز ابن صهيب به .

قوله [ تسحروا ] .

هذا أمر بالسحور بفتح السين ويجوز ضمها وهذا الأمر للاستحباب عند الأئمة الأربعة وجماهير العلماء سلفاً وخلفاً، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على استحباب السحور وكذا نقل هذا الإجماع الإمام النووي رحمه الله في شرحه على صحيح الإمام مسلم وجعلوا الصارف لهذا الأمر مواصلة الصحابة رضي الله عنهم فقد واصل الصحابة يوماً ويوماً أخر ولم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم نهي تحريم وإنما كره فعلهم .

والعجيب أن جماعة من الفقهاء خصوصاً فقهاء الشافعية يرون تحريم الوصال كما سيأتي في بابه ومـع ذلك لايقولـون بوجوب السحور مـع أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد وأمر بـه وقـال ( تسحروا ) .

وجاء أيضاً في صحيح الإمام مسلم من طريق موسى بن عُلَيّ عن أبيه عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (فصلُ مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر) فهذا الحديث يدل على أن السحور فيه مخالفة لأهل الكتاب ومخالفتهم غاية مقصودة للشارع .

ويدل الخبر أيضاً على أن ترك السحور تشبه في أهل الكتاب وبعض الناس يتساهل في قضية السحور بدعوى أنه لايشتهيه والأولى في حق المسلم ألا يدع السحور ولو على جرعة لبن مخالفة لأهل الكتاب واتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .

قوله [ فإن في السحور بركة ) .

هذه البركة تشمل الدينية وتشمل الدنيوية فمن المصالح الدينية هنا اتباع السنة ومخالفة أهل الكتاب وامتثال الأمر وتعظيم ذلك ومن المصالح الدنيوية التقوى بالسحور على مواصلة الصيام وعدم إنهاك البدن ، وهناك أيضاً مصالح أخرى فإن الشارع حكيم لا يُرغِّبُ في شيء إلا ومصلحته راجحة على مفسدته وربما تتعدد مصالحه وتنتفي مفاسده مطلقاً علم ذلك من علمه وجهل ذلك من جهله فإن الناس تتفاوت أفهامهم وتختلف مداركهم في قضية إدراك مصالح الشريعة وغايتها وحكمها.