Thursday, August 28, 2008

إذا دخل العشر أي العشر الأخيرة من رمضان . شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله

/ وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا دخل العشر أي العشر الأخيرة من رمضان . شد مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ) متفق عليه.

قال الإمام البخاري حدثنا علي بن عبدالله قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي يعفور عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة به .

وقال الإمام مسلم رحمه الله حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال حدثنا ابن عيينة عن أبي يعفور به .

قولها [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر ] .

كان هنا تفيد الدوام والإستمرار وقد تفيد الأغلبية ولكن بالنظر إلى الأدلة الأخرى يتبين أن المراد بكان هنا الدوام والاستمرار .

قولها [ إذا دخل العشر ] .

إذا ظرف لما يستقبل من الزمان ، والمراد بالعشر العشر الأواخر من شهر رمضان فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر بمزيد من العمل . ففي هذا دليل على مشروعية تخصيص بعض الأيام بالعبادة والزيادة عن الوقت المعتاد في سائر الأيام فإن العشر الأواخر من رمضان فيهن ليلة من تُقبل منه فيها حاز أجراً عظيماً وثواباً جزيلاً يزيد فضل هذه الليلة على عبادة ثلاث وثمانين سنة وبضعة أشهر وعظم الله هذه الليلة وذكرها في كتابه فقال تعالى : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) } وفي هذه الليلة يقول الله جل وعلا { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } والمراد بالروح هنا جبريل عليه السلام .

فلذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر اجتهد في العبادة تقول عائشة رضي الله عنها ذاكرة بعض عمله في هذه العشر تقول ( شد مئزره ) قيل المعنى ربط إزاره ليجتهد في العبادة، وقيل المعنى هذا كناية عن ترك الجماع ليالي العشر فإن هذا الوقت وقت عبادة ووقت اعتكاف وليس وقت تفرغ للنساء ومن ثم رأى بعض الفقهاء مشروعية ترك الجماع ليالي العشر تفرغاً للعبادة وليس المعنى عند هذا الفقيه ان ترك الجماع يراد بذاته وإنما يراد لمن أراد التفرغ للعبادة ولم يخش على نفسه الضرر، أما المعتكف فقد أجمع العلماء رحمهم الله على أنه لايجامع المرأة لقول الله تعالى : { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا }.( البقرة ) .

والصحيح في قول عائشة ( شد مئزره ) أنه كناية عن اعتزال النساء ولو كانت تقصد أنه كان يجد ويجتهد بإحياء الليل لما قالت بعد هذا ( وأحيا ليله ) والواو هنا للمغايرة والعطف هنا للمغايرة ففرقت عائشة رضي الله عنها بين شد المئزر وإحياء الليل وليس المعنى أنه صلى الله عليه وسلم يحيي جميع الليل وإنما يحيي معظمه وإطلاق الكل على البعض إسلوب عربي فصيح جاء في الكتاب والسنة الشيء الكثير، من هذا قوله تعالى { الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ } ( آل عمران ) . هل كل الناس قالوا وهل كل الناس جمعوا لا إنما هم نفرٌ يسير من جملة العالمين ولذلك تقول عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يصوم شعبان كله ) وفي أحاديث أخرى تقول ( إلا قليلاً ) ، ويحتمل أن يكون المراد إحياء الليل كله لأنه لم يرد شيء صحيح يخالف هذا الظاهر والعلم عند الله .

قولها [ وأيقظ أهله ] .

في هذا دليل على مشروعية إيقاظ الأهل ليالي العشر والمراد هنا تأكيد الاستحباب وإلا فهذا الفعل مسنون في جميع الأيام، وعند أبي داود من حديث أبي صالح عن أبي هريرة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى ثم أيقظ امرأته فصلت فإنه أبت نضح في وجهها الماء ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ثم أيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء ).