Thursday, August 28, 2008

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني

 وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يارسول الله ، ( أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال : ( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) .
هذا الخبر رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا أبا داود .
والحديث رواه الترمذي من طريق جعفر بن سليمان الضبعي عن كهمس بن الحسن عن عبدالله بن بريدة عن عائشة ورواه ابن ماجه عن طريق وكيع عن كهمس بن الحسن به . وقد صححه الترمذي رحمه الله وفيه نظر فإن عبدالله لم يسمع من عائشة قاله النسائي والدارقطني .
ورواه الإمام أحمد والنسائي في عمل اليوم والليلة والطبراني في كتاب الدعاء والحاكم في المستدرك كلهم من طريق سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن عائشة به،
وفيه اختلاف ذكره النسائي في عمل اليوم والليلة وقد صححه الحاكم في مستدركه وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه وسكت عن ذلك الإمام الذهبي رحمه الله.
وفي هذا نظر فالحديث ليس على شرط الشيخين وفيه اختلاف كثير والحديث حديث عبدالله بن بريدة وقد تقدم أنه لم يسمع من عائشة .
قولها [ أرأيتَ إنْ علمتُ أي ليلة ليلة القدر ] .
فيه علو همة الصحابة رضي الله عنهم وخاصة عائشة رضي الله عنها حيث تسأل عن دعاء تدعو به في ليلة القدر وعائشة عندها علم عظيم من كون الدعاء في ليلة القدر مشروعاً وتحفظ عائشة رضي الله عنها الشيء الكثير من الأدعية وهذا لايخفاها ولكنها تريد دعاءً جامعاً لخيري الدنيا والآخرة تدعو به في ليلة القدر فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى سؤالها وأعلمها بما ينفعها والحديث لو صحّ صريح بالرد على من زعم بأن ليلة القدر قد رفعت إذ لو كانت ليلة القدر قد رفعت لقال صلى الله عليه وسلم لعائشة لا حاجة إلى معرفة هذا فإن ليلة القدر قد رفعت وتأخير البيان عن وقت الحاجة لايجوز ولذلك الذي عليه عامة الصحابة وأئمة التابعين أن ليلة القدر لم ترفع بل هي موجودة في رمضان وتحديد هذا بليالي العشر وأرجاها بالأفراد وأرجى هذه الأفراد ليلة سبع وعشرين .
قولها [ ما أقول فيها ] .
تريد بذلك دعاء جامعاً لأنه لايخفى على مثلها دعاء تدعو به ثم اعلم أنه ليس لليلة القدر دعاء مخصوص لايدعى إلا به . بل يدعو المسلم بما يناسب حاله وكل بحسبه ولكن أفضل الأدعية في ليلة القدر الأدعية الجامعة من دعوات النبي صلى الله عليه وسلم الواردة عنه في مقامات كثيرة وأحوال خاصة وعامة .
ويظهر من الحديث أن الدعاء في ليلة القدر كان معروفاً ومشهوراً عند الصحابة رضي الله عنهم وقد جاء في الصحيحين من حديث الزهري عن أبي سلمة ابن عبدالرحمن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه ) .
قول [ من قام ليلة القدر ] .
أي قام يصلي ويدعو ، وفي هذا دليل على مشروعية الإكثار من الدعاء في ليالي القدر .
قوله [ قولي : اللهم إنك عفوٌ ].
فيه إثبات صفة العفو له سبحانه وتعالى .
قوله [ إنك عفو تحب العفو ] .
فيه إثبات صفة المحبة لله وقد قال تعالى { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ } وقال تعالى : { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } وأهل السنة والجماعة يثبتون صفة العفو وصفة المحبة لله تعالى إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل فلا يحرفون ولايكيفون ولايمثلون ولايعطلون بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير يقول ابن القيم رحمه الله ناظماً معتقد أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات قال رحمه الله :
لسنا نشبه وصفه بصفاتنا
كلا ولا نخليه من أوصافه
من شبه الرحمن العظيم بخلقه
أو عطل الرحمن عن أوصافه

إن المشبه عابد الأوثان
إن المعطل عابد البهتان
فهو الشبيه لمشرك نصراني
فهو الكفور وليس ذا الإيمان



قوله [ فاعف عني ] .
فيه دليل على أنه يستحب للداعي إذا دعا أن يتوسل إلى الله جل وعلا بالصفة المناسبة لدعائه فإذا أراد المغفرة يقول ياغفور اغفر لي وياعفو اعفو عني وإذا أراد العزة يقول ياعزيز أعزني ولابن القيم رحمه الله كلام مفيد حول هذه القضية أفاده في جلا الأفهام في الصلاة على خير الأنام .
 Fasting-The Ultimate Diet