Saturday, July 12, 2014

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ

أحكام القرآن للكيا الهراسي (1/ 64)
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)

 
الجمع، فكيف يجوز الاستدلال به على إيجاب الجمع بينهما على الحامل أو المرضع..
نعم قال ابن عباس في الحامل والمرضع عليهما الفدية ولا قضاء عليهما، فله حجة في ظاهر القرآن في اقتصاره على إيجاب الفدية دون القضاء، فكانت الآية دالة في الأصل على التخيير بين الفدية والصوم، فلا يجوز أن يتناول الحامل والمرضع لأنهما غير مخيرين، لأنهما إما أن يخافا فعليهما الإفطار بلا تخيير، أو لا يخافا فعليهما الصيام بلا تخيير، ولا يجوز أن تتناول الآية فريقين: تقتضي بظاهرها إيجاب الفدية، ويكون المراد في أحد الفريقين التخيير بين الإطعام والصيام، وفي الفريق الآخر إما الصيام على وجه الإيجاب بلا تخيير أو الفدية بلا تخيير، وقد تناولهما لفظ الآية من وجه واحد، فثبت بذلك أن الآية لم تتناول الحامل أو المرضع.

نيل المرام من تفسير آيات الأحكام (ص: 33)
لا خلاف بين المسلمين أجمعين أن صوم رمضان فريضة افترضها الله سبحانه على هذه الأمة.
والصيام في اللغة: أصله الإمساك وترك التنقل من حال إلى حال «1» .
وهو في الشرع: الإمساك عن المفطرات مع اقتران النية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس «2» .
قيل: للمريض حالتان إن كان لا يطيق الصوم كان الإفطار عزيمة، وإن كان يطيقه مع تضرر ومشقة كان رخصة، وبهذا قال الجمهور.
واختلف أهل العلم في السفر المبيح للإفطار فقيل مسافة قصر الصلاة والخلاف في قدرها معروف- وبه قال الجمهور «3» ، وقال غيرهم بمقادير لا دليل عليها.

أحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (1/ 222)
أُخْرَى أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِدْيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ هَذَا الْمِقْدَارُ وَقَدْ أُرِيدَ بِهَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ هُوَ الْمِقْدَارُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِقْدَارَ فِدْيَةِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ لِأَنَّ أَحَدًا مِنْ مُوجِبِي الْفِدْيَةِ عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ لَمْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وقد روى عن ابن عباس وقيس ابن السَّائِبِ الَّذِي كَانَ شَرِيكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَعَائِشَةَ وَأَبِي هريرة وسعيد ابن الْمُسَيِّبِ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ
وَأَوْجَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ إطْعَامَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعِ بُرٍّ
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيرَ فِدْيَةِ الصَّوْمِ بِنِصْفِ صَاعٍ أَوْلَى مِنْهُ بِالْمُدِّ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْأَصْلِ قَدْ تَعَلَّقَ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَّا عضده قول الأكثرين عدادا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ النظر وقوله تعالى [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ] قَدْ اُخْتُلِفَ فِي ضَمِيرِ كِنَايَتِهِ فَقَالَ قَائِلُونَ هُوَ عَائِدٌ عَلَى الصَّوْمِ وَقَالَ آخَرُونَ إلَى الْفِدْيَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ مُظْهَرَهُ قَدْ تَقَدَّمَ والفدية لم يجز لَهَا ذِكْرٌ وَالضَّمِيرُ إنَّمَا يَكُونُ لِمُظْهَرٍ مُتَقَدِّمٍ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْفِدْيَةَ مُؤَنَّثَةٌ وَالضَّمِيرُ في الآية للمذكر في قوله [يُطِيقُونَهُ] وَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْمُجَبِّرَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ اللَّهَ يُكَلِّفُ عِبَادَهُ مَا لَا يُطِيقُونَ وَأَنَّهُمْ غَيْرُ قَادِرِينَ عَلَى الْفِعْلِ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَلَا مُطِيقِينَ لَهُ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ مُطِيقٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يفعله بقوله [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ] فَوَصَفَهُ بِالْإِطَاقَةِ مَعَ تَرْكِهِ لِلصَّوْمِ وَالْعُدُولِ عَنْهُ إلَى الْفِدْيَةِ وَدَلَالَةُ اللَّفْظِ قَائِمَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا إذَا كَانَ الضَّمِيرُ هُوَ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُطِيقًا لَهَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا وَعَدَلَ إلَى الصَّوْمِ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ [شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ] يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ الْمُجَبِّرَةِ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَهْدِ الْكُفَّارَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْقُرْآنَ هُدًى لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى [وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى - وقَوْله تَعَالَى- فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ] يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ فِي إيجَابِ الْفَائِدَةِ يَصِحُّ ابْتِدَاءُ الْخِطَابِ بِهِ فَيَكُونُ حَثًّا عَلَى التَّطَوُّعِ بِالطَّاعَاتِ وَجَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّطَوُّعَ بِزِيَادَةِ طَعَامِ الْفِدْيَةِ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ الْمَفْرُوضَ مِنْهُ نِصْفُ صَاعٍ فَإِنْ تَطَوَّعَ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ