Thursday, August 28, 2008

: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).

634/ وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).

رواه مسلم رحمه الله فقال حدثنا يحيى بن أيوب قال أخبرنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث عن أبي أيوب. ورواه أحمد وأهل السنن.

وقد تكلم بهذا الحديث بعض أهل العلم وأعله بسعد بن سعيد بن قيس فقد قال عنه الإمام أحمد رحمه الله سيء الحفظ وكذا قال النسائي وغيره ولكنه توبع تابعه صفوان بن سليم عند أبي داود وهو ثقة خرج له الجماعة .

ورواه النسائي من طريق الإمام شعبة عن عبدربه بن سعيد عن عمر بن ثابت به. وعبد ربه بن سعيد قال عنه الإمام أحمد لا بأس به .

وفي الباب عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ست من شوال بشهرين فذلك صيام سنة ) رواه الإمام النسائي في السنن الكبرى من طريق يحيى بن الحارث عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان به وصححه ابن حبان وغيره وفيه نظر وفي الباب عن جابر رواه أحمد ولا يصح.

قوله [ من صام رمضان ] .

أي كاملاً فلا يصح صيام ست من شوال إلا باستكمال رمضان وليس هذا من باب منع التطوع قبل الفرض، فهذه مسألة خلافية هل يجوز للمسلم أن يتطوع بالصيام قبل أن يؤدي الفرض، الذي عليه الجمهور الجواز وهو الحق إلا أن مسألتنا ليست من هذا الباب فمنع صيام ست من شوال قبل استكمال رمضان من باب أن الست لاتصح إلا بعد استكمال رمضان وذلك لعموم قوله من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال .

وأما الذي عليه بقية فلا يصدق في حقه أنه صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال وهل يلزم في صيام الست أن تكون متتابعة ؟ الصحيح أنه لايلزم فلو فرقها صح هذا لقوله من شوال ومن هنا تبعيضيه إلا أن الأكمل والأفضل أن يصوم الست متتابعة لئلا يعرض له عارض يمنعه من الصيام وقد قال تعالى : { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم صيام ست من شوال ، دل حديث الباب على استحبابها وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم وخالف في ذلك الإمام مالك رحمه الله وقال بالكراهية لئلا يصل رمضان بما ليس منه، وقال في الموطأ إنه لم ير أحداً من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ماليس منه أهل الجهالة والجفاء ) فيحتمل قول مالك رحمه الله في هذه المسألة أحد أمور إما أنه لم يبلغه الخبر أو أنه بلغه فلم يثبت عنده أو أنه رأى العمل على خلافه فلم يقل به وعلى كل فالحديث ثابت في فضيلة صيام ست من شوال وأقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها والله أعلم .

قوله [ كان كصيام الدهر ].

المراد بالدهر هنا العام والسنة الواحدة وذلك أن صيام رمضان يعدل صيام عشرة أشهر وصيام ست من شوال يعدل شهرين فتلك سنة كاملة .

وفي هذا دليل على أنه لابد من استكمال رمضان وأن الست لاتصح إلا بعد استكمال رمضان، فإن قال قائل إذا ولدت المرأة في رمضان يتعذر معها صيام ست من شوال فيقال إن صيام الست من السنن الراتبة المقيدة فإذا كانت لعذر شرعي جاز قضاؤها كسائر الرواتب فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قضى الركعتين اللتين بعد الظهر بعد العصر وهذه راتبة مقيدة بوقت معين فكذلك صيام الست إذا فاتت المرأة بعذر شرعي جاز قضاؤها، فتصوم النفساء رمضان ثم تتبعه ستاً من شوال .

أما إذا تمادت بالقضاء كأن تؤخر مثلاً إلى محرم فحينئذٍ نقول لها فات وقت صيام ست من شوال لأنها لم تبادر بالصيام كما أن المرء إذا تذكر راتبة الظهر بعد العصر ولم يبادر إلى قضائها فات وقت محلها .

ونظير هذا العقيقة إذا فات اليوم السابع لغير عذر فات محلها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيدها قال ( كل مولود مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ) حديث صحيح ولو كان اليوم السابع واليوم العاشر سواء لم يكن لقول النبي صلى الله عليه وسلم تذبح عنه يوم سابعه معنى .