Thursday, August 28, 2008

( فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الآواخر

/ وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام، في السبع الآواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الآواخر ) فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الآواخر ) متفق عليه .  
قال البخاري رحمه الله حدثنا عبدالله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر به وقال مسلم رحمه الله حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر به . وقد جاء عند أبي داود من طريق أبي موسى بن عقبة عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في ليلة القدر ( هي في كل رمضان ) .

ولكن هذا الخبر معلول أعله أبو داود وغيره فقد رواه سفيان وشعبة عن أبي إسحاق موقوفاً على عبدالله بن عمر وهو ينقل لنا في حديث الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنها في السبع الآواخر فيحمل قوله على أحد ثلاثة أوجه .
الوجه الأول : لعل ابن عمر قال هي في كل رمضان قبل أن يعلم بهذا الحديث.
الوجه الثاني : سلك بعض أهل العلم مسلكاً آخر فقال لعله نسي ماحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم .
الوجه الثالث : لعل مراد ابن عمر بقوله هي في رمضان العموم فيخصص بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن رمضان السبع الآواخر ولا يبعد أن يكون مراد ابن عمر الرد على من قال هي في شعبان أومن قال هي في كل العام فأراد ابن عمر أن يوضح أن ليلة القدر لاتكون إلا في رمضان وهي أيضاً في العشر الآواخر.

قوله [ أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ( أروا ليلة القدر في المنام ) ] قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري لم أقف على تسمية أحد من هؤلاء الرجال والحقيقة أنه لاحاجة بنا إلى معرفة اسمائهم ولو كان للأمة حاجة إلى معرفة أسماء هؤلاء لأبرزهم لنا عبدالله بن عمر الذي يهمنا أن رجالاً أروا ليلة القدر في المنام في السبع الآواخر .


ففي ذلك بعض الفوائد : ـ
الفائدة الأولى : أن الصحابة تواطأت رؤياهم على أنها في السبع الآواخر ومن ثم قال غير واحد من أهل العلم بأن أرجى ليالي القدر السبع الآواخر وأرجاها ليلة سبع وعشرين .
الفائدة الثانية : فيه أن ليلة القدر ترى في المنام وقد ذكر شيخ الإسلام أنها ترى في اليقضة كأن يرى الإنسان أنواراً وخيراً ومايتبع ذلك ولليلة القدر علمات كأن تكون ليلتها لا حارة ولا باردة ومنها أن تخرج الشمس في صبيحتها لاشعاع لها وأما قول بعض الناس بأن الكلاب لاتنبح في ليلتها فهذا قد قاله بعض أهل العلم ولا دليل عليه .
الفائدة الثالثة : أن الرؤيا إذا تواطأت على شيء فهذا دليل على صدقها والرؤيا تسر المؤمن ولا تغره فالمسلم يستفيد من الرؤيا ولكن هي ليست شرعاً من عند الله إلا إذا أقرها النبي صلى الله عليه وسلم وهذا انقطع بموته صلى الله عليه وسلم ولكن كم من إنسان استفاد من الرؤيا إما موعظة يتعظ بها أوغير ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لم يبق من المبشرات إلا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أوترى له ) رواه مسلم في صحيحه .
قوله [ أُرى رؤياكم قد تواطأت ] .
أرى بضم الهمزة أي أظن والظن نوعان : ظنٌ بمعنى اليقين كما قال تعالى : { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } أي يستيقنون أنهم يلاقون ربهم ، النوع الثاني الظن بمعنى الشك .
تعريف الظن : هو تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر .
ويجوز ضبط هذه الكلمة بمعنى أرى وذلك بفتح الهمزة فيكون المعنى أعلم رؤياكم والأول هو الأشهر عند أهل العلم .
قوله [ فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الآواخر ] .
أي فمن كان منكم يتحرى ليلة القدر ويتحرى القيام فيها ويتحرى الدعاء فيها وقيام ليلتها فعليه بالجد والاجتهاد بالسبع الآواخر خصوصاً أوتارها .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في تحديد ليلة القدر وذلك على أربعين قولاً سردها كلها الحافظ ابن حجر في فتح الباري وفي بعضها تقارب يمكن ضم قول إلى قول وبعض هذه الأقوال شاذة بل باطلة كقول بعضهم إنها رفعت وقول آخر أنها في كل السنة وهذا قول باطل أيضاً، وكذلك من الأقوال الباطلة أنها ليلة النصف من شعبان فهذه لا دليل عليها لا من الكتاب ولا من السنة ولامن قول صاحب جاء عنه بإسناد صحيح .
وأكثر أهل العلم على أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين وكان أبي بن كعب يحلف على هذا والأثر عنه رواه مسلم في صحيحه .
واحتج الجمهور لقولهم بما ذكره المصنف في الباب من حديث معاوية بن أبي سفيان .
The Garden in Winter: Plant for Beauty and Interest in the Quiet Season