Thursday, August 28, 2008

ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه )

/ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه ) .
رواه الدارقطني في سننه والحاكم في مستدركه من طريق عبدالله بن محمد الرملي عن محمد بن يحيى بن أبي عمر قال حدثنا عبدالعزيز بن محمد عن أبي سهيل عم مالك بن أنس عن طاووس عن ابن عباس به .

قال الإمام الدارقطني رفعه هذا الشيخ يعني الرملي وغيره لايرفعه قال ابن القطان وعبدالله بن محمد الرملي لا أعرفه، وقال البيهقي والصواب وقفه ورفعه وهم وهذا هو المحفوظ أي وقفه وأنه من قول عبدالله بن عباس رضي الله عنهما .
وهذا الحديث يدل على عدم لزوم الصوم للمعتكف وبهذا قال الإمام أحمد والشافعي رحمهما الله، وقال مالك وأبو حنيفة يلزم الصيام للمعتكف وهذا هو اختيار ابن القيم رحمه الله وذكر في زاد المعاد أن هذا اختيار شيخ الإسلام ولكن الموجود في الفتاوى أن الصوم ليس شرطاً للإعتكاف والقول الأول هو الصحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ( اعتكف عشراً من شوال ) والحديث متفق على صحته ، وقد ذكر الإمام البغوي رحمه الله في شرح السنه أنه يدخل في العشر الأول يوم العيد وهذا لاصيام فيه وعلم أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف بدون صيام وأيضاً لم ينقل أحد من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوجب الصوم بالاعتكاف فدل هذا على عدم لزومه وأن الاعتكاف يصح بدون صوم، وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله في أقل مدة للاعتكاف، فقال بعض أهل العلم ليس لأقله مدة فمن دخل المسجد ونوى الاعتكاف أجر بهذا ولكن يشكل على هذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط ) رواه مسلم فجعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا من الرباط ولم يجعله من الاعتكاف ولكن لقائل أن يقول الاعتكاف نوع من أنواع الرباط فكل اعتكاف رباط وليس كل رباط اعتكافاً وهذا القول وارد إلا أن الأولى جعله رباطاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فذلكم الاعتكاف فذلكم الاعتكاف، ولذلك قالت طائفة أخرى إن أقل الاعتكاف يوم وليلة أما إذا كان أقل من يوم وليلة فيسمى رباطاً ودليل القائلين بيوم وليلة حديث عمر في الصحيحين أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يارسول الله ( إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال له رسول الله أوف بنذرك ) . وهذا الحديث ليس صريحاً فيما ذكروا ولم يرد حديث صحيح يحدد أقل الاعتكاف، وأما أكثره فليس له منتهى ولكن أفضل أنواع الاعتكاف العشر الآواخر من رمضان والاعتكاف سنة باتفاق أهل العلم ولايجب إلا إذ جعله الإنسان على نفسه كما قال ابن عباس ( إلا أن يجعله على نفسه ) يعني بالنذر فحينئذٍ يلزم الاعتكاف وإن نذر الصوم معه لزم الصوم لعموم خبر عائشة في صحيح البخاري ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) وهذا النذر طاعة يجب الوفاء به إلا أن يشق عليه فيعجز عنه فحينئذٍ يكفر عن ذلك على القول الراجح لحديث عقبة بن عامر في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كفارة النذر كفارة يمين) وهذا الحديث على القول الراجح يشمل نذر المعصية فمن نذر نذر معصية حرم عليه الوفاء به ولكن يجب عليه أن يكفر عن نذره وبهذا قال الإمام أحمد واختار هذا القول ابن القيم في تهذيب السنن، واختلف العلماء فيما لو نذر نذراً يلزمه فعله أصلاً فلم يف كأن يقول الله عليّ نذر أن لا أحلق لحيتي فلم يف بهذا النذر فحلق لحيته يقول بعض أهل العلم لا كفارة عليه لأن هذا أمر واجب عليه في أصل الشرع وعن أحمد رحمه الله عليه الكفارة وهذا الأظهر وذلك لعموم الأدلة والحقيقة أن هذه المسألة داخله بعموم حديث عائشة من (نذر أن يطيع الله فليطعه) والنذر في إعفاء اللحية نذر طاعة وإن كان واجباً في أصل الشرع فيلزمه أن يكفر عن يمينه إذا نقض نذره .
والمقصود أنه ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه بالنذر فحينئذ يلزمه الوفاء .