Thursday, August 28, 2008

بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع .

/ وعنها قالت : السنة على المعتكف أن لايعود مريضاً ولايشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولايباشرها، ولايخرج لحاجة إلا لما لابد له منه ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع .
هذا الخبر رواه الإمام أبو داود في سننه من طريق عبدالرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة به .
قال أبو داود عقبه غير عبدالرحمن لايقول فيه من السنة وجعل هذا الخبر من قول عائشة .

والخبر رواه البيهقي في السنن الكبرى من طريق الليث بن سعد عن عقيل بن خالد بن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله يعتكف العشر الأواخر ـ وفيه ـ والسنة فذكرت الخبر .
ولكن قال الإمام البيهقي في المعرفة قوله ومن السنة من قول من دون عائشة، فقالت طائفة هذا من قول الزهري وقال آخرون هذا من قول عروة فقد روى سفيان عن هشام بن عروة عن عروة من قوله ورواه سعيد بن عروبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : ( لا اعتكاف إلا بصوم ).
وهذا كله يوضح لنا أن قولها في الحديث من السنة ليست محفوظة وأنها مدرجة أيضاً وهذا اختيار الإمام الدارقطني رحمه الله .
فعليه لايمكن الاحتجاج بهذا الخبر على منع المعتكف من عيادة المريض وتشييع الجنازة ولكن ليس معنى هذا أن المعتكف كلما سمع بجنازة خرج وتبعها هذا غلط إنما يتبع جنازة من له حق عليه كأحد الوالدين أو ابن أوعم أوعالم له نفع للإسلام والمسلمين مثل هؤلاء تتبع جنائزهم ويعاد مريضهم .
وأما قولها [ ولايمس امرأة ، ولايباشرها ] .
فهذا صحيح فإن المعتكف لايمس امرأة ولايباشرها لقول الله { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } . ( البقرة ) .
ولذلك قال الحبر عبدالله بن عباس إذا جامع المعتكف بطل ( اعتكافه ) رواه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناد صحيح فقد رأى ابن عباس أنه يفسد حينئذٍ وإذا أراد الاعتكاف فإنه يستأنف من جديد.
وأما قولها [ ولا اعتكاف إلا بصوم ] .
هذه القضية سيأتي بحثها إن شاء الله على حديث ابن عباس .
وأما قولها [ ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع ] .
المراد بالجامع هنا الذي يجمع فيه وليس المراد بالجامع الذي تقام فيه الجمعة فهذا وإن شرطه الإمام مالك إلا أنه أخذ هذا الحكم من أدلة أخرى لأن مالكاً رحمه الله لايرى الخروج من المسجد أبداً إلا لما لابد منه أما كونه يعتكف في غير مسجد جامع ثم يخرج يؤدي الجمعة فهذا ينهى عنه الإمام مالك ويرى أنك تعتكف في مسجد تقام فيه الجمعة حتى لاتخرج ولكن خالفه بهذا الإمام أبو حنيفة والشافعي وأحمد فرأوا جواز الاعتكاف في مسجد لاتقام فيه الجمعة إذا كانت تقام فيه الجماعة ورأوا أيضاً أن المعتكف يخرج يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة ولكن هل يبادر إلى الصلاة أم يتأخر لئلا يطول خروجه فيه قولان للفقهاء :
القول الأول : أنه يذهب مبكراً للأحاديث الوارده في فضل التبكير إلى صلاة الجمعة .
القول الثاني : أنه يذهب متأخراً لئلا يكثر خروجه عن معتكفه وإنما رخص له للحاجة والمقصود يتم إذا صلى الجمعة وهذا القول أقرب للصواب من القول الأول. وفي قول عائشة ( ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع) دليل على جواز الاعتكاف في جميع المساجد وهذا الصحيح وهو قول أكثر أهل العلم قال تعالى : { وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } فلم يخص مسجداً عن مسجد .