Thursday, August 28, 2008

أولئك العصاة ، أولئك العصاة

وعن جابر بن عبدالله رضي الله تعالى عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من مـاء فرفعه حتى نظر الناس إليه، فشرب، ثم قيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام . فقال : ( أولئك العصاة ، أولئك العصاة ) .

حديث جابر رواه الإمام مسلم في صحيحه فقال : حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبدالوهاب ابن عبدالمجيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبدالله.

قوله وفي لفظ فقيل له : إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينتظرون فيما فعلت . فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب .

هذه الرواية رواها مسلم في صحيحه من طريق الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر به ولكن ليس عند مسلم (فشرب) .

والخبر رواه الشافعي والحميدي والترمذي والنسائي من طرق عن جعفر بن محمد به.

قوله [ كراع الغميم ] .

كراع بضم الكاف وفتح الراء وهو طرف الشيء، والغميم وادي بين مكة والمدينة يطل طرفه على البحر الأحمر .

وهذا الحديث قد احتج به من يرى منع الصيام في السفر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صام وصام معه أصحابه فلما بلغ كراع الغميم وذلك بعد العصر قيل له يارسول لله إن الناس قد شق عليهم الصيام فدعا بقدح ورفعه حتى ينظر الناس إليه ويقتدوا بفعله فشرب وشرب معه ثلة من أصحابـه فقيل له بعد هذا إن بعض الناس قد صام فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ ثم قال : ( أولئك العصاة أولئك العصاة) وفي هذا الاحتجاج نظر فإن هذا الخير لايدل على منع الصيام في السفر مطلقاً إنما يمنع من الصيام من يشق عليه وينهكـه وأما كـون النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أولئك العصاة .. ) فلأنهم لم يبادروا بالامتثال مع كون الصيام قد أرهقهم وأتعبهم ولذلك يصح الاحتجاج بهذا الخبر على جواز الصيام في السفر لمن لايشق عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صام إلى وقت العصر وصام معه أصحابه وقد جاء في مسلم من طريق قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (لستَّ عشرة مضت من رمضان فمنَّا من صام ومنا من أفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ) .

وفي الحديث دليل أيضاً على أن من يشق عليه الصيام في السفر يجب عليه الفطر ويحرم حينئذ في حقه الصيام .

وهل يصح الصيام مع الإثم أم لا الصحيح أن الصيام صحيح ويأثم بذلك .

وفي الحديث دليل على رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأمته ورحمته بهم وشفقته عليهم حيث أفطر صلى الله عليه وسلم بعد العصر لكون الصيام قد شق عليهم.