Thursday, August 28, 2008

رخص للشيخ الكبير (أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ، ولا قضاء عليه

629/ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : رخص للشيخ الكبير (أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ، ولا قضاء عليه ) .

أثـر ابن عباس رواه الإمام الدارقطني والحـاكم من طريق خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس به .

قال الدارقطني في سننه وهذا إسناد صحيح وقال الحاكم في المستدرك وهذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه .

وقد روى الدارقطني وغيره من طريق سعيد وهشام عن قتادة أن أنس بن مالك حين كبر أفطر وأمر أهله أن يطعموا عن كل يوم مسكينا . قال هشام في حديثه : فأطعم ثلاثين مسكيناً وروى أبو عبيد في الناسخ عن عبدالله بن صالح عن الليث عن يحيى بن سعيد في ذلك قال : يطعم كل يوم مُدّاً من حنطة قال قال ذلك أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم عن أشياخ الأنصار قال أبو صالح وهو قول الليث قال أبو عبيد وكذلك قول مالك حدثنيه عنه ابن بكير وابن أبي مريم وقد يلحق بهؤلاء أهل العطاش الذين يخاف عليهم منه الموت .

وفي صحيح البخاري من حديث عمرو بن دينار عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ { وعلى الذين يُطوّقونه فدية طعام مسكين } قال ليست بمنسوخه إنما هي في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لايستطيعان أن يصوما فيطعمان عن كل يوم مسكيناً". فالكبير الذي لا يستطيع الصوم وفي حكمه المريض الذي لا يُرجئ برؤه يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً ولو أطعم ثلاثين مسكيناً في جفنة أجزأ وقد فعله أنس رضي الله عنه رواه الدارقطني . وقد ذكر ابن القيم رحمه الله وغيره أنه لايصار إلى الإطعام إلا عند اليأس من القضاء، وأما المريض الذي يُرجى برؤه فلا فدية عليه فإذا قدر على الصوم لزمه وجوباً لقوله تعالى : { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } بقيت مسألة مهمة وهي أنه ثبت عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا في المرضع والحامل يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليهما رواه الدارقطني وصححه فظاهر هذا يخالف ظاهر قول الله تعالى { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }

والجواب أن العلماء رحمهم الله مختلفون في قضية القضاء في حق الحامل والمرضع فذهب الأئمة الأربعة إلى أنهما يقضيان الحاقاً لهما بالمسافر والمريض فقد دلت الآية السابقة على وجوب القضاء على المريض والمسافر وهذا مما أجمع عليه أهل العلم رحمهم الله ولكن اختلفوا في الحامل والمرضع فألحقهما الأئمة الأربعة بالمريض والمسافر فهم بمنزلة واحدة والصيام فرض على الجميع فلا يسقط إلا عن الذي لايطيق فحينئذٍ يعدل إلى الفدية وماثبت عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا لا قضاء عليهما يمكن أن يكون اجتهاداً منهما ويمكن أن يكون عن أمر توقيفي لأن ابن عباس فسر آية البقرة بالشيخ الكبير والمرأة الكبيرة فكأنه رحمه الله يرى خصوصيتها بالمريض والمسافر ولا يبعد أن يقال لامجال للاجتهاد في هذه القضية وكيف يتفق صحابيان فقيهان على هذا الأمر إلا عن أمر توقيفي، وقول الجمهور أحوط فالأولى للحامل والمرضع إذا أفطرتا أن تقضيا لأن الصيام فرض ثلاثين يوماً أوتسعاً وعشرين فيجب أداء هذا بيقين فلا يترك لأمر مظنون وأما الإطعام فلا يجب على القول الراجح إذا قضتا وإنما يلزم عند عدم القضاء .