Thursday, August 28, 2008

أيام التشريق أيام أكل وشرب ، وذكر لله عز وجل

640/ وعن نبيشة الهذلي رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب ، وذكر لله عز وجل ) .

هذا الخبر رواه مسلم في صحيحه فقال حدثنا سريج بن يونس قال أخبرنا هشيم عن خالد عن أبي المليح عن نبيشة الهذلي ويسمى نبيشة الخير وفي الباب عن كعب بن مالك عند مسلم وعن عقبة بن عامر عند الترمذي وأبي داود وعن عمرو بن العاص عند أبي داود، وعن أبي هريرة عند ابن ماجه .

والحديث دليل على النهي عن صيام أيام التشريق قال عطاء هذا في حق الحاج ولكن خالفه الجمهور وقالوا بمنع صيام أيام التشريق للحاج وغيره واختار هذا القول الحافظ ابن رجب في فتح الباري .

والحديث دليل أيضاً على إبطال تقسيم الفقهاء للذكر إلى مطلق ومقيد فإن قوله صلى الله عليه وسلم ( وذكر الله عز وجل ) يدل على أن الذكر كله مطلق ويدخل فيه المقيد دبر الصلاة وأما تقييد الذكر بأيام التشريق بأدبار الصلوات دون غيرها فالحديث يرده .

وقد اختلف العلماء رحمهم الله بمن صام أيام التشريق هل يصح صيامه مع الإثم أم أن الصيام باطل هذه المسألة مبنية على حكم ارتكاب النهي هل يقتضي الفساد أم لا وهذه المسألة اختلف فيها الأصوليون على مذاهب .

المذهب الأول : أن النهي يقتضي الفساد وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه الله.

المذهب الثاني : أن النهي لايقتضي الفساد وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي في المشهور عنهم .

المذهب الثالث : إذا كان النهي متعلقاً بشرط من شروط العبادة اقتضى الفساد وإلا فلا وهذا اخيتار الحافظ ابن رجب رحمه الله .

المذهب الرابع : أن نعتبر كل مسألة بخصوصها وننظر فيها بالقرائن كعمل الصحابة رضوان الله عليهم وهذا المذهب هو الحق فلا نجعل في هذه المسالة قاعدة كلية بل ننظر في عمل الصحابة وننظر في تعاملهم في هذه المسألة فنحكم عليها بذلك .

فمثلاً جاء في صحيح الإمام مسلم رحمه الله عن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لاينكح المحرم ولا يُنكِح ولايخطب ) .

عمل الصحابة منهم عمر وعلي وعبدالله بن عمر وجماعة بأن نكاح المحرم فاسد فلذلك فسخوا نكاح من تزوج محرماً ففي هذه القضية نأخذ بقول الصحابة رضي الله عنهم، وفيه قول لأهل العلم بجواز نكاح المحرم ولكن عمل الصحابة مقدم على عمل من جاء بعدهم .

وحديث الباب يدلنا على أن أيام التشريق ليست محلاً للصيام كيوم العيدين ليست محلاً للصيام فالصيام حينئذٍ غير صحيح لأنه وضع الصيام في غير محله سواء كان الصيام فرضاً كالقضاء أونفلاً إلاّ أنه يستثنى من ذلك صيام ثلاثة أيام لمن لم يجد الهدي ودليل هذا ماذكره المؤلف رحمه الله في الباب .